تعليم طفلك الكفيف عن الثقافة الجنسية
عرض كل المقالات بالعربية
ترجمة “مركز قطر الاجتماعي والثقافي للمكفوفين”
تسنت لنا الفرصة مؤخرا لحضور المؤتمر الأسري لمرض فقد البصر الوراثي في كليفلاند، أوهايو، والذي استضافته مؤسسة البحوث لشبكية العين. امضينا وقتا رائعا في مقابلة العائلات وحضور الجلسات العائلية والمحاضرات الطبية.
قدمت السيدة جوديث ليسنر أحد أروع الجلسات العائلية عن تعليم الأطفال المكفوفين عن الثقافة الجنسية. كتبت هذه المقالة استنادا إلى الملاحظات التي سجلناها خلال جلستها:
إن الحديث عن أمور الثقافة الجنسية مع أطفالك أمر محرج ومخيف، ولكننا جميعا نعلم أن تعليم أطفالنا عن هذا الموضوع أمر أكثر أهمية نن تعليمهم آداب المائدة أو كيفية ربط أحذيتهم. كل ما يهم في الموضوع هو تعلم كيفية مناقشة الموضوع بثقة وأريحية.
إذا كان طفلك كفيفا أو ضعيف بصر، فقد تشعر بالمزيد من التخبط. كيف يمكنك الحديث عن موضوع بصري للغاية؟ كيف يمكنك شرح شيء ينبغي لمسه لفهمه .. ولكن من غير اللائق لمسه أو التطرق إليه؟
هناك عائق كبير لتعليم الأطفال المكفوفين عن مواضيع الثقافة الجنسية، وهو أن كثير من هذا الحديث يعتمد على القواعد الاجتماعية، والكثير من هذه القواعد الاجتماعية يتعلمها الناس بصريا. فمثلا، إذا رأيت امرأة شبه عارية في محطة المترو، فقد تلاحظ كيف يغمز لها الرجال بينما تكشر لها النساء. كل هذه التفاعلات تعلم الأطفال عن العلاقة بين الرجال والنساء وعن قواعد اللبس والملابس في المجتمع، وكل ذلك بدون التلفظ بكلمة واحدة. كيف يمكن لطفلك الكفيف تعلم نفس القواعد عن الثقافة الجنسية التي يتعلمها اقرانهم المبصرون بصورة طبيعية؟
من الجلي أنه يتعين عليك العمل بجدية أكبر من غيرك من الآباء. من المهم أن يتعلم طفلك عن قواعد الثقافة الجنسية في مجتمعه، لأنه إذا لم يتعلم فسيقع في المتاعب: فالأولاد الذي يخالفون القواعد سينظر إليهم على أنهم معتدون، والفتيات اللاتي يخالفن القواعد غالبا ما سيصبحن ضحايا محتملين.
ولكن إليك خبر سعيد: المهمة ليست صعبة كما تتصورها! إليكم بعض النصائح القيمة والعملية لتضعك على الطريق الصحيح:
- ابدأ في وقت مبكر!
بينما لا يزال طفلك رضيعا صغيرا، يمكنك البدء بتعليمه أسماء كل أعضاء جسمه والحديث بانفتاح عن كيف يختلف الآباء عن الأمهات. وبينما يكبرون، فمن المهم تعليمهم من يمكنهم لمسه ومن لا يمكنهم لمسه (والعكس صحيح، من يمكنه لمسهم ومن لا يمكنه ذلك). تذكر أنه لا بأس للطفل الرضيع أن يلمس صدر أمه، ولكن لا يمكن ذلك لطفل عمره ثمان أو تسع سنوات. - لا تعامل ولدك/ابنتك كطفل صغير.
يميل الأطفال المكفوفون إلى الاعتماد على والديهم وعائلتهم أكثر مما يفعل أقرانهم المبصرون، وعادة ما يتأخر نموهم قليلا. بالتأكيد ثمة أمر لطيف عن حقيقة أن ابنك ذو الثلاثة عشر ربيعا ما زال يحب الجلوس في حضنك، ولكن تأكد من ألا تعامل ابنك ذو الثلاثة عشر عاما، كطفل في الثلاثة عشر عاما من عمره! الأولاد المراهقون الذين يتلقون الدلال والحماية لن يتعلموا كيفية الاعتناء بأنفسهم أو كيفية التصرف بصورة مناسبة في الأماكن العامة. قد لا يتصرفون وفقا لأعمارهم أو يشتركون في أنشطة تناسب أعمارهم، وهذا قد يتسبب باستهدافهم من قبل المعتدين. قد يجعلون من أنفسهم أكثر عرضة للاستهداف، أو ببساطة قد يتصرفون بطرق قد تجعل الآخرين من حولهم يشعرون بعدم الارتياح (مثل العناق أو الإمساك بالغرباء). تذكر، ليس لأنه كان لطيفا عندما كان ابنك طفلا صغيرا، أن ذلك لطيف الآن! اسمح لطفلك باختيار ملابسه بنفسه، وتأثيث غرفته بنفسه، والاستماع إلى موسيقاه المفضلة، وتطوير شخصيته بحيث يتمكن من التصرف وفقا لعمره والمضي قدما في مجتمعه بثقة أكبر. - لا تتسامح مع السلوكيات السيئة.
علم طفلك أن يتصرف بصورة تتناسب مع عمره، حتى لو كان شكله يبدو أصغر من سنه. قد يبدو طفلك الصغير ذو الستة عشر عاما، كفتى كبير وأجش لشخص غريب عنه، وقد لا يعجبهم عناق الدب الكبير الذي غمرهم به ابنك! حتى لو كشروا وأجابوا: “لا بأس.”، فذلك لا يعني أنهم فعلا يقصدون أنه لا بأس. تأكد أن طفلك يعرف أن عناق الغرباء ليس سلوكا مقبولا.
- صف العالم المرئي.
قدم لطفلك تعليقا دائما مستمرا عن ما يحدث حوله. هذه طريقة رائعة لتعليم طفلك عن الإشارات الاجتماعية التي تفوته. عندما يكون طفلك صغيرا، فمن المفيد أن تخبره كيف يتفاعل الأطفال الآخرون في الغرفة مع بعضهم البعض، أو أعلمه متى يبتسم أحدهم أو يعبس بوجهه. وبينما يكبر طفلك، يمكنك البدء بالشرح له كيف تحدث الأمور في المجتمع وكيف أننا نطلق الأحكام كل يوم. فمثلا، قد ترى رجلين غوغائيين في الطريق وتقرر العبور للجهة الأخرى. يمكنك أن تقول لطفلك: “أرى رجلين قادمين باتجاهنا ويبدو أنهما مخموران وعلى وشك البدء بعراك. اعتقد أنه من الآمن لنا أن نعبر للجهة الأخرى من الطريق لنتفاداهم.” عبر هذه الجملة البسيطة، تعلم طفلك كيفية التعرف على أصوات الناس الذي يتعين عليه تجنبهم وكيفية تفاديهم من الطريق. - استعمل المصطلحات التشريحية الصحيحة وانطقها بكل ثقة.
لا بأس من أن تختار كلمات مخففة للأعضاء التناسلية أو كلمات المرحاض، ولكن من المهم جدا أن يكون طفلك ملما بالأسماء التشريحية المتعارف عليها للأعضاء التناسلية. يحتاج طفلك لمعرفة كيفية الحديث عن الحياة الجنسية مع الكبار بطريقة يمكن أن يفهمها الجميع. تذكر، مهما كنت مقربا من طفلك، فقد لا يلجأ إليك عندما يتعرض للمتاعب، فقد يلجأ أولا للمعلم أو الطبيب، وسيحتاج للحديث بصورة منفتحة ومباشرة معهم. من المهم أيضا ان تنطق هذه الكلمات بوضوح وبثقة. حاول ذلك الآن. انطق الكلمات “القضيب”. انطق “المهبل”. ها أنت ذا، لم يكن صعبا جدا؟ إذا شعرت بعدم الارتياح عند الحديث مع طفلك عن أعضاءه التناسلية، فقد يبدأ بالربط بينها وبين الخوف والاحراج، وأنت لا ترغب في ذلك لأولادك. - علم طفلك إسدال الستائر وإغلاق الأبواب.
قد يبدو هذا أمرا سهلا ولكن من السهل جدا نسيانه. حيث أن طفلك لا يرى، فقد لا يطرأ على باله ان يغلق الباب عند تبديل ملابسه. تخيل عندما يرتاد طفلك الجامعة في المستقبل، وتخيل ان ابنتك تبدل ملابسها في سكن الجامعة المختلط والباب مفتوح، وعندها ستدرك كم هو مهم أن تعلمها هذا المفهوم الأساسي! - شجع طفلك على التفاعل مع أقرانه.
من الطبيعي بالنسبة لكل الآباء أن يرغبوا في رعاية ابناءهم الصغار لأطول فترة ممكنة: لأن الأطفال الصغار يجب إحاطتهم بالرعاية لأنهم يجهلون العالم السيئ الذي يحيط بهم. ولكن الأطفال يكبرون وأحيانا يحتاج الأطفال ذوي الإعاقة البصرية أن يتم دفعهم إلى الاتجاه الصحيح. قد يكون من الصعب السماح لهم، ولكن من المهم جدا السماح لأطفالك بالتعايش بطريقتهم والتفاعل مع الأطفال الآخرين ممن هم في مثل سنهم. وكأب أو أم، تحتاج لدفع طفلك لاكتساب خبرات جديدة (مثل المعسكرات الصيفية) بحيث يسهل عليه النمو والوصول إلى مرحلة البلوغ. - تعليم فن الحركة والتنقل.
من الصعب أن تتمتع بالاستقلالية والإدراك الاجتماعي إذا كنت لا تذهب إلى أي مكان بمفردك. ستحتاج إلى أن تتأكد من أن يتلقى طفلك التدريب الكافي على فنون الحركة والتنقل في المدرسة، ثم شجعه على التنقل باستقلالية معتمدا على نفسه في المنزل والمدينة من حوله.
- علم طفلك قواعد التعامل مع الغرباء.
من المهم لجميع الأطفال أن يتعلموا القواعد الأساسية للتعامل مع الغرباء: لا تتحدث مع الغرباء، لا تركب سيارة شخص غريب، لا تقبل هدايا من غرباء، الخ. ولكن من المهم أيضا أن تتأكد من أن طفلك يعرف من هو الغريب. هل السيدة التي تنتظر في الطابور معك امرأة غريبة؟ بالتأكيد! ماذا عن ذلك الرجل العجوز اللطيف الذي يبحث عن جروه الضائع؟ قطعا هو رجل غريب! أحيانا نجعل “الغرباء” يبدون وكأنهم أشرار ومخيفون بحيث أن الأطفال ينسون أن أي شخص قد يكون غريبا حتى اولئك الذين يبدو أنهم لطفاء. - علم طفلك الفروق والاختلافات بين الأجساد.
قد يكون من الصعب تعليم طفلك من ذوي الإعاقة عن الفرق بين الرجل والمرأة بدون اللمس. ولكن هناك بعض المنتجات الرائعة التي يمكنها مساعدتك. دمى لمس الجسد هي أدوات تشريحية صحيحة يمكن للآباء والمعلمون استخدامها لتعليم الأطفال الفرق بين الأجساد. نماذج جيم جاكسون التشريحية مصممة لتعليم الثقافة الجنسية وبحجم حقيقي ومصنوعة من المطاط اللين لتبدو حقيقية الملمس. يمكنك أيضا ايجاد كتب بصور لمسية للمراهقين. انظر كتاب الدورة الشهرية للفتيات، وماذا يحدث في الأسفل؟ للفتيان. وتذكر، إذا كان طفلك يتلقى دروسا في الثقافة الجنسية في المدرسة ضمن المنهج، فاطلب أن تكون هذه الكتب والمناهج جزءا من الصف الدراسي. اكتب هذه الطلبات في برنامج التعليم المنفرد للطفل كجزء من التعديلات لهذه السنة الدراسية.
إن النجاح في تعليم طفلك الثقافة الجنسية لا يمكن أن يتم في جلسة حوارية واحدة. يستغرق الأمر أعواما من دمج العادات الصحية في حياة طفلك وتعلم انتهاز كل فرصة لتعليمه عن المجتمع وعاداته.
ولكن لا تقلق، فالأمر ليس صعبا كما يبدو. ابدأ بعقلية منفتحة ورغبة واستعداد، وسيبلي ابنك بلاء حسنا … وكذلك أنت!
عملت جوديث ليسنر في البرنامج الداخلي لمدرسة كاليفورنيا للمكفوفين لمدة 11 سنة، وهي الآن متقاعدة. ما زالت تعمل مع شركة Lucky Touch Braille Fortune Cookie Company. هي أيضا الرئيس المشارك للجنة الاستشارية في مؤسسة الأطفال المكفوفين، وعضو في مجلس إدارة الجمعية الوطنية لآباء الأطفال المكفوفين وضعاف البصر NAPVI، وعضو في مجلس إدارة الجمعية الوطنية لآباء الأطفال