تحديد الموقع بالصدى للأطفال المكفوفين
عرض كل المقالات بالعربية
ترجمة “مركز قطر الاجتماعي والثقافي للمكفوفين”
تيم جونسون
إذا كان الطفل كفيفا منذ الولادة، أو فقد بصره في سن صغيرة، فإنه سيحتاج لتعلم كيفية الحركة والتنقل بمفرده بوسائل أخرى غير البصر.
أحد أول الأساليب الموحدة لتعليم مهارات الحركة والتنقل هي أن يتعلم الطفل استخدام العصا البيضاء، والتي يستخدمها الكفيف أساسا كامتداد لليدين والأصابع لتحسس العالم من حوله.
هناك العديد من أشكال التدريب الأقل صرامة على تنمية الإدراك الحسي لمهارات الحركة والتنقل. أحد هذه المهارات هي “تحديد الموقع بالصدى”- أي القدرة على ترجمة الأصوات لـ “رؤية” العالم من حولنا.
إن تحديد الموقع بالصدى هو ممارسة طبيعية لأي شخص كفيف أو ضعيف البصر. فعادة عندما يمشي الطفل ويدخل إلى مساحات جديدة أو غرفة جديدة فإنه يضرب الأرض بقدميه أو يصرخ في الفراغ على ما يبدو لنا. ولكن ما يفعله في الواقع هو محاولة إدراك التغييرات في “المشهد الصوتي” أو الصدى الذي تُرجعه الغرفة. يمكن للأطفال الصغار بسهولة، بدون تدريب حتى، من معرفة ما إذا كانوا داخل المبنى، أو خارجه، أو في غرفة كبيرة خالية من الأثاث، أو غرفة صغيرة مؤثثة، الخ، ببساطة عبر الاستماع إلى الصدى أو انعكاسات الصوت لتلك المساحة المعينة.
بشكل عام، لم يتم تدريس “مهارة” تحديد الموقع بالصدى ضمن التدريب الموحد. وبدلا عن ذلك تم استخدامه بصورة لا شعورية للحصول على كمية صغيرة من المعلومات حول بيئة محيطة واحدة فقط. وعلى أية حال، مع تزايد الدراسات وتزايد الأشخاص الراغبين في المحاولة، فقد تزايد الإقبال على تعلم مهارة تحديد الموقع بالصدى، وتزايد تقبل وتفهم المختصين والممارسين والمدربين لهذه المهارة. تعطي هذه المهارة لصاحبها معلومات عن الأشياء والمواد والأشكال البعيدة، وعن حركة الأشياء بدون الحاجة للتفاعل معها جسديا عبر العصا البيضاء. تسمح هذه المهارة للكفيف بـ “السياحة البصرية” والاستمتاع بالأشجار والتماثيل وفنون العمارة والكثير غير ذلك.
وحيث أن تحديد الموقع بالصدى هو مهارة تفويض الخلايا العصبية، وبالفعل تستخدم الأعصاب البصرية على قشرة المخ لتنتج في نهاية المطاف “صورا غير بصرية”، فإنه يُنصح بشدة أن يبدأ المعلمون وآباء الأطفال ذوي الإعاقة البصرية تدريب أطفالهم على مهارة التقاط هذه الإشارات الصوتية والفروق الدقيقة في أبكر وقت ممكن.
سيحسن تطوير أداء هذه الموصلات العصبية في سن مبكرة، بصورة استثنائية، من قدرة الأطفال ذوي الإعاقة البصرية على رؤية الأشياء عبر استخدام مهارة تحديد الموقع بالصدى بتفاصيل أكثر وعبر مساحات أكبر، وسيمنحهم ذلك فرصة أفضل لزيادة ثقتهم بذاتهم واعتمادهم على أنفسهم والتي يحتاجونها ليحيوا حياة سعيدة ومرضية وليتغلبوا على التحديات التي تواجههم.
تدريب لتحديد الموقع بالصدى لممارسته مع طفلك
حتى يتسنى لك التحقق بنفسك من منافع مهارة تحديد الموقع بالصدى لحياة طفلك، فمن المهم أن تشهد ذلك بنفسك وأن ترى التعابير على وجهه عندما “يرى” شيئا للمرة الأولى.
- استخدم ركيزتين: الأولى دفتر أو لوح من الورق المقوى أو طبق بلاستيكي، والثانية دمية حيوان قطني كبير يبلغ طولة تقريبا 12 بوصة وعريض إلى درجة ما.
- أختر بيئة محيطة هادئة، في غرفة ليست صغيرة جدا، غرفة الجلوس قد تكون مناسبة، وأجلس طفلك بهدوء ليستمع.
- اطلب من طفلك أن يصدر صوت: “شششششش” وأن يستمع لنفسه.
- ثم امسك باللوح المسطح بمسافة تبعد عن وجهه بمقدار 10 بوصة واطلب منه أن يكرر الصوت مرة أخرى. قد تلاحظ أنه سيعود برأسه إلى الوراء قليلا، مع شعوره بوجود شيء أمام وجهه. أخبره بالشيء الذي وضعته أمام وجهه، واطلب منه أن يمد يديه ليتلمسه.
- الآن ضع الدمية القطنية أمام وجهه واطلب منه أن يصدر صوتا. وكرر ما فعلته سابقا، اسأله عن الشيء الذي أمامه واطلب منه أن يمد يديه ليتلمسه.
- ما سيأتي تاليا هو الجزء الممتع! اطلب منه أن يحزر ما هو الشيء الذي أمامه بعد أن يصدر صوتا: لوح الورق المقوى أم الدمية القطنية؟ ستندهش من مقدار المعلومات الذي جمعها طفلك بالفعل.
تمكن طفلك الآن من رؤية الأشياء لأول مرة عبر مهارة تحديد الموقع بالصدى، وبإمكانه التفريق بين الأشياء الصلبة والأشياء اللينة!
سيغمره الحماس على الأغلب لمعرفته بقدرته على التفريق بين الأشياء بدون لمسها، وسيرغب في لعب هذه اللعبة دوما. شجعه على ذلك!
اقرأ المزيد عن مهارة تحديد الموقع بالصدى، وتعلم عموميات هذه المهارة ودقائقها، وعن الاستجابات الإدراكية التي تمنحها لطفلك. وهناك المزيد والمزيد من البحوث والدراسات التي تُنشر يوميا، والمزيد من المنظمات التي بدأت بتبنيها لتنفيذ برامج تدريبية موحدة.
وقد أقرت هذه البرامج التدريبية بأن الأطفال صغار السن قد لاقوا نجاحا كبيرا في تعلم مهارة تحديد الموقع بالصدى، وأن عقولهم منفتحة على أي شيء وكل شيء، وأنه لم يتم إجبارهم على أي منهجية للتفكير مفادها أن هناك طريقة صحيحة وأخرى خاطئة لتعلم مهارات الحركة والتنقل. فهم يتعلمون بسرعة كبيرة، ويجرون توصيلات عصبية جديدة أسرع مما يمكنك تخيله!
تيم جونسون هو مؤلف كتاب دليل المبتدئين لمهارة تحديد الموقع بالصدى للمكفوفين وضعاف البصر: تعلم الرؤية عبر أذنيك، أول كتاب من نوعه يشرح ويعلم بصورة كاملة “مهارة تحديد الموقع بالصدى”، خطوة بخطوة، بطريقة كاملة. يعمل تيم كمهندس، ويسخر علمه في إجراء الأبحاث ، كما أنه مدرب فنون الدفاع عن النفس، ويستخدم قدرته على استخلاص المفاهيم المعقدة والتواصل مع الأطفال، لتقديم المواد بطريقة مفهومة للغاية. تفضل بزيارة الموقع الالكتروني لتيم، أو تابعه على الفيسبوك، أو جوجل+، أو تويتر.