ما كنت أتمنى أن يخبرني إياه أي شخص عندما تم تشخيص طفلي بأنه من ذوي الإعاقة
عرض كل المقالات بالعربية
ترجمة “مركز قطر الاجتماعي والثقافي للمكفوفين”
عندما ولد إيفان، مكث في وحدة العناية الفائقة لحديثي الولادة لمدة اسبوع. لم يكن يتنفس بانتظام، وكانت أنفاسه تتقطع عندما يرضع. خضع للعديد من الفحوص الطبية، ولكن بصورة أساسية، أعادونا إلى المنزل بلا مبالاة، ولم تكن كلمات الطبيب واعدة: “طفلكم يعاني من مشكلة، ولكننا لا نعرفها.”
حدث ذلك قبل 10 أعوام تقريبا، أما اليوم فلدينا تشخيص لحالته وتقارير طبية. والأهم من ذلك كله، لدينا صبي سعيد جميل يبلغ تقريبا العاشرة من عمره يضحك ويحب ويعيش أفضل حياة.
ومع اقتراب عيد ميلاد إيفان العاشر، جلست اتفكر مليا في أين كنا وفي المستقبل من أمامنا. من الصعب جدا علي أن اتذكر شعوري حينها عندما أخبروني أن لدي طفل يعاني من “مشاكل”، أو كيف كان شعوري عند تلقينا التشخيص الأولي بإصابة ايفان بمرض فقد البصر الوراثي LCA والعمى عندما كان عمره 3 أشهر فقط.
كنت اتفكر في تلك الأمور واتساءل. لماذا يصعب علي كثيرا استذكار مشاعر الخوف والقلق التي اعترتني حينها؟ لماذا لا استطيع تلمس تلك المشاعر القاسية والانفجار في البكاء من جديد؟
وتعرفون ماذا أيضا؟ ذلك سببه أنني انظر إلى إيفان اليوم واتفكر: “كيف يمكن لمجرد وجود هذا الصبي في حياتي أن أبكي وأذرف دموعي؟”. إنه رائع جدا للغاية يكاد ينسيني تماما أن كل تلك الأوقات الصعبة قد مرت علي بالفعل. لا أريد القول “أنني قد تجاوزت أحزان الماضي وآلامه” أو أن أقول “لقد اختلف الوضع اليوم.” فذلك لا يصف شعوري بالضبط. اعتقد أنني قد تمكنت لتوي من فهم من هو إيفان، وأنه من المستحيل إطلاقا أن كوني والدة إيفان أمر سلبي.
وحتى على الرغم من عدم قدرتي على تمثل ما كنت عليه، إلا أنني أذكر تماما الانسانة التي كنتها قبل 10 سنوات. اتذكر كيف طغى الخوف عليها. اتذكر القلق والذعر والهلع. لو تمكنت من العودة في ذلك الزمن، ماذا كنت سأقول لها؟
- سأقول لها: سيحمل إليك طفلك سعادة أكبر بكثير مما يمكنك تصوره. نعم، الأمر صعب الآن، وستستمر الصعوبات والتحديات. ستمر عليك ليالي طوال بلا نوم، وستقضين أياما طوالا في المستشفى، وسيجرون لطفلك الكثير من الفحوصات الطبية. سيتعين عليك الجري بين جلسات العلاج الطبيعي ومواعيد الأطباء، وقضاء ساعات طوال على الهاتف مع شركة التأمين الصحي. ولكن عندما يضحك طفلك، أو يفعل شيئا ما للمرة الأولى في حياته، أو فقط ينام في تلك الوضعية السخيفة التي لا يجد غيرها مريحة له أبدا، سيذوب قلبك وتغمرك سعادة يكاد قلبك لا يقوى على تحملها.
- اتبعي حدسك ولا تؤمني بكل ما يقوله لك الأطباء ، فأنت تعرفين طفلك أفضل من أي شخص آخر، وعندما تظنين أن هناك خطبا ما أو أن هناك ما يجب فحصه في طفلك والتحقق منه، فأنتِ على الأغلب محقة في شعورك. عندنا تستمعين لتشخيص قد لا يبدو مطابقا لحالة طفلك، فابحثي عن طبيب آخر، لأنك على الأغلب محقة في شعورك. ربما لا تحملين شهادة في الطب، ولكن دعيني أخبرك شيئا: ستظلين أنتِ محقة في شعورك.
- ستقابلين بعضا من أفضل الناس في العالم وستصنعين صداقات رائعة. تتذكرين كيف كنت طالبة مغمورة في الثانوية العامة؟ من يهتم! فالأصدقاء الذين ستقابلينهم في رحلتك هذه هم من سيرفعونك ويدعمونك مهما ساءت الأمور. سيكون لديك دائما شخص تهاتفينه أو تراسلينه عندما تحتاجين إلى النصيحة أو حتى عندما تحتاجين إلى من تكلميه، وهذه هبة عظيمة. أنتِ لستِ لوحدك.
- الكثير من الأشياء التي تقلقين عليها الآن لا تهم في الحقيقة. لا أود أن أبدو وكأني أقسو عليك أو أن مخاوفك لا أساس لها، ولكن بعضا من هذه المخاوف التي تستحوذ على كل تفكيرك الآن، ستكون علامات فارقة في حياتك لاحقا. إليك أحد أعظم هذه العلامات الفارقة: “كم بمقدرته أن يرى؟” يبدو ذلك وكأنه أهم سؤال في العالم الآن، ولكن في الحقيقة، هو ليس كذلك. فطفلك يرى ما يراه. انتهى. وإليك آمر أخر: “هل سينمو طفلك ويكبر وفقا لمستويات النمو الطبيعية؟” حسنا، في الواقع، لا، لن يتمكن من تحقيق كل المستويات في وقتها (بعضهم سيجتازها بسرعة الصاروخ). وماذا في ذلك؟ لا بأس. إذا كنت تحبين طفلك وتلعبين معه، سينمو بإذن الله. قد تقلقين الآن من أن عدم امتلاكك للعبة الحسية المثالية المناسبة له ستخلق لديه ضررا في النمو على المدى البعيد، ولكني صدقيني، لن يشكل ذلك فرقا.
- قد يعاني طفلك من عدة أمراض، والعديد من التحديات التي يتعين عليه مواجهتها وتخطيها، ولكنه ما زال طفلا. وبينما هو طفل الآن، فإنه ما زال مجرد طفل. وبينما تجلسين لتقلقي بشأن كل جلسات العلاج تلك أو المعدات التي سيحتاجها، فإن ما يحتاجه فعلا الآن اكثر من أي شيء آخر هو حبك وأحضانك. عندما يكبر ويصبح صبيا، فإنه سيظل بحاجة حبك وأحضانك، بالإضافة إلى حاجته لأصدقاء وللخروج والاستمتاع بوقته. اعثري على ما يعجب طفلك ويستهويه واسمحي له بالمشاركة، فهو مجرد طفل، وهذا ما يفعله الأطفال!
- اعتني بنفسك! اعلم أنك كلامي لا يعجبك، ولكن استمعي إلي جيدا فما سأقوله مهم لكِ. أنتِ صخرة الأمان. أنتِ من تُبقين العائلة متماسكة. يجب أن تكوني بكامل قدرتك للاستمرار، لذلك افعلي كل ما يتعين عليك فعله للإبقاء على نفسك متماسكة وسعيدة. تناولي طعاما صحيا، ومارسي الرياضة، وخصصي لنفسك وقتا بين الفينة والأخرى. ليس من الضروري أن يكون شيئا كبيرا، فمثلا يمكنك الذهاب إلى منتجع صحي في عطلة نهاية الاسبوع. أو ربما الاستلقاء لعدة دقائق، أو قراءة كتاب، فذلك يكفي. ارتاحي متى ما سنحت لك الفرصة، وإذا ما عرض عليك أحدهم المساعدة، فوافقي مباشرة! واضحكي. اضحكي دائما. إن الحياة حلوة، وسيتحسن شعورك متى ما سمحتي لنفسك بالاستمتاع بالحياة.