قصة تشاد: كيف يمكن لأم وابنها تسخير خبراتهما لمساعدة الآخرين
عرض كل المقالات بالعربية
ترجمة “مركز قطر الاجتماعي والثقافي للمكفوفين”
مارشا بيترسون
بينما كنت جالسة في أحد المقاهي ذات يوم، دخلت امرأة مع ابنتها الكفيفة. كانت المرأة قد قرأت كتابا ألفته أنا وتناقشت مع أحد المعلمات حول إمكانية أن يفيد هذا الكتاب الأطفال المكفوفين لتحسين مهاراتهم في التواصل.
عندما رأت أن الكتاب كان يدور حول الغناء، تركتني ورحلت وهي تقول بأن ابنتها كفيفة البصر. أثر فيني الموقف كثيرا لأن الطفلة كانت تجر قميص أمها وتبكي وتأن. لربما كان أنينها هو الطريقة الوحيدة المتاحة لها لتتواصل مع الآخرين. دفعني ذلك الموقف لكتابة قصتي.
ولد ابني تشاد وهو مصاب بمتلازمة داون، وتم تشخيص إصابته باضطراب التوحد، ولديه صعوبات في السمع، وعين واحدة شبه عمياء. كما أنه كان يعاني من ضعف نمو العضلات مما حرمه من المشي بمفرده بدون مساعدة حتى بلوغه السادسة من عمره، وقد دخل المستشفى مرتين لإصابته بالتهاب رئوي على أثر شفط السوائل من رئته.
بعد أن بلغ السنة من عمره، اقترحت معلمته المتخصصة في تعليم ضعاف البصر أن أعلمه لغة الإشارة. كنت أما عزباء، وحياتي كلها تدور حول توفير احتياجاته الصحية والتعليمية. كنت أعمل دائما بدوام كامل، لأنني المعيل الوحيد لي وله. كيف سيتسنى لي الوقت لأتعلم لغة الإشارة؟
لقد عانيت كثيرا لمساعدته على التواصل وعلمت بأن الكثير من المعلمين ومقدمي الرعاية ومساعديهم لا يعرفون لغة الإشارة. وكلما تعلمنا إشارة جديدة، كنت أكتب الكلمة على ورقة كبيرة وارسم الكلمة بلغة الإشارة باليد إلى جانبها بحيث يعرف من سيرعى ابني الإشارة الصحيحة ليتواصل معه.
وكلما طرأت حاجة لتعلم كلمة جديدة بلغة الإشارة، بدأنا بتعلم المزيد من الإشارات. أول ثلاث إشارات تعلمها كانت: أكثر، وكتاب، ومصارعة! وعندما بلغ سن الالتحاق بالحضانة كان قد تعلم الكثير من الإشارات، وقد أرسلت معه من يرعاه لأنني خشيت ألا يتمكن أحد في الحضانة من التواصل معه وفهمه.
وكان من الواضح أنك لو لم تعرف لغة تشاد، فإنه بالتأكيد سيتصرف بطريقة مريعة، فأنا لدي نافذة مكسورة والكثير من الثقوب في جدران منزلي بسبب رميه للأشياء. وهذا أكبر دليل على أأهمية التواصل!
كما عرفت أيضا أنه حتى لو تعلم المرء لغة الإشارة، فإن هناك العديد من الإشارات لنفس الكلمة. أليس ذلك أمرا محبطا؟
حضرت ذات مساء أحد المناسبات الاجتماعية. كان طفلي يجلس على كرسي مرتفع، وكنت أحاول الحديث مع بعض الأصدقاء. أشار طفلي بيديه أنه يرغب في العودة إلى المنزل. وأشرت إليه بـ “لا”، فرد علي بالإشارة: “نعم”. وكررنا هذا الأمر عدة مرات.
وبينما كنت أنظر إلى الجهة الأخرى، سمعته يضحك. عندما أدرت وجهي ونظرت إليه، كان يشير بـ “نعم” بيد واحدة، ويشير بـ “لا” باليد الأخرى في نفس الوقت!
قررت نشر كتاب يمكن لأي شخص يهتم بالأطفال الاستعانة به، سواء كان طفلا عاديا أو من ذوي الإعاقة. نشرت أول كتاب في هذه السلسلة في يونيو 2009.
تشير الدراسات إلى أن الأطفال الذين يتعلمون لغة الإشارة يرتفع مستوى اختبار الذكاء لديهم بمقدار 10- 12 نقطة. كما أظهرت الدراسات أيضا أن الأطفال الذين يقرأ لهم الكبار سيميلون للكتب أكثر ويستعينون بها لمساعدتهم على تعلم أشياء جديدة. وأظهرت الدراسات أيضا أن تعليم الأطفال اللغة يتم بصورة أفضل عندما يتم تعليمهم وجها لوجه، على أن يتم ذكر الكلمات في سياقها.
Come Sign With Us: The Adventures of Potts and Friends (Talking With Baby) لمساعدة الآباء على تعلم لغة الإشارة في نفس الوقت الذي يقرأون فيه القصص لأطفالهم. وهذه القصص تأتي في سياق الأنشطة اليومية بحيث يتمكن الآباء أو المربون من قراءة النشاط، ثم يتعلمون الإشارة للتدليل على ذلك النشاط للطفل.
انا استخدم نظام ترميز الألوان لتقديم الكلمات مع رسم الإشارة أعلاها، وتبقى الكلمة بنفس اللون بدون رسم الإشارة أعلاها في بقية السلسلة لتذكير الآباء والمربين بأنهم قد تعلموا هذه الإشارة في قصة سابقة.
أريد أن يشعر الجميع بالثقة والراحة عند الحديث بلغة الإشارة، لذلك أضفت دعما إضافيا بأن طلبت من معلمة ابني الصماء أن تنفذ لي هذه الاشارات على الموقع الإلكتروني: www.TalkingWithBaby.com. عندما انتهي من كتابة هذه السلسلة، سيكون هناك ما مجموعه 6 قصص ضمن ثلاث كتب منفصلة. تم تصميم الكتاب على شكل خيمة ويمكنه الثبات على الطاولة بحيث تبقى اليد حرة لتطبيق الإشارات، ولمنع الطفل من العبث بأوراق الكتاب.
سيبلغ ابني الثامنة عشرة من عمره في شهر فبراير القادم، ونحن نقدر عدد الكلمات التي يعرف إشارتها بألف كلمة، وهذا الرقم في ازدياد كل أسبوع. تحب معلمته هذه الطريقة للتعلم وتستخدمها لتعليمه كلمات جديدة.
أنا فخورة جدا بابني الذي يمكنه التواصل الآن، واريد مشاركة الآباء الآخرين بما وصلنا إليه ممن يعانون من نفس المشاكل التي عانينها منها في الماضي. صمم الكتاب لكي يستخدمه المربون والمدارس كمرجع يعودون إليه بين الفينة والأخرى، حتى أنه يحتوي على صفحات لتدوين وتتبع مراحل تعليم الطفل. عندما نعلم الأطفال كيفية الاشارة، فإننا نأخذ بيديه ونؤدي الحركة معه حتى يتعلمها ونكرر ذلك حتى يتقن الطفل الإشارة بدون مساعدتنا. هذا الكتاب يبقي الجميع على مسار واحد على طريق التعلم.
على الرغم من أن الكتاب قد صدر في شهر يونيو، إلا أنني لم اتمكن من تدشينه إلا في شهر اكتوبر في مؤتمر سد الفجوة في ولاية مينيسوتا، وهو مؤتمر يركز على التكنلوجيا المساعدة ويحضره أخصائيو التخاطب، وأخصائيو العلاج الوظيفي، ومعلمو المكفوفين وضعاف البصر من جميع أنحاء الولايات المتحدة.
اسعدتني ردود الفعل تجاه الكتاب. في الواقع، طلب العديد من كبار المختصين نسخا من الكتاب لاستخدامهم الشخصي.
وقد سألني أحدهم عن مؤهلاتي التي سمحت لي بنشر مثل هذا الكتاب، فكان جوابي: “أنا أم!”.
للاطلاع أكثر على قصة تشاد، وكتب أمه، تفضل بزيارة موقعهم الالكتروني: www.TalkingWithBaby.com. كما أن الكتاب متاح أيضا على موقع أمازون.